نرى العديد من الأشخاص المصابين بـ «متلازمة داون» في حياتنا اليومية، منهم الكبير ومنهم الصغير، قد يكون أحد أفراد العائلة، أو من أحد الأقارب، وقد يكون جارًا لنا، أو زميلًا في المدرسة. فهل تعرفنا على هذه المتلازمة وأسبابها وكيفية التعامل معها.
يعرف هذا الشخص بين الناس باسم «منغولي»، وهي تسمية قديمة أطلقت عليهم لتشابهم ملامحهم مع ملامح العرق المنغولي، وتعود تسمية «داون» إلى الطبيب البريطاني جون لانغدون داون، وسميت بمتلازمة لأن حدوث هذه الإصابة يلزم وجود مجموعة من الخصائص المحددة.
تصنف هذه الحالة مع الإعاقة العقلية من بين فئات الإعاقة، وتبلغ نسبة الإصابة (1 من كل 800 – 1000) حالة ولادة في جميع أنحاء العالم. ويعود السبب الرئيسي لحدوثها إلى حدوث تغيير في الكروموسومات، حيث توجد نسخة إضافية من كروموسوم 21 يسبب تغييرات في طبيعة الجسم والقدرات العقلية.
في جميع الإصابات يكون السبب هو تثلث الكروموسوم 21 إلا أنه هناك ثلاث حالات لتثلثه وهي:
1 – التثلث الحادي والعشرون: وهي الحالة الأكثر شيوعًا، وتشكل 95٪ من نسبة المصابين، حيث يتكرر الصبغي 21 ثلاث مرات بدلًا من مرتين فيكون عدد الصبغيات 47 بدلًا من46.
2 – الانتقال الصبغي: ويشكل 4٪ من الإصابات وفيه ينفصل الصبغي 21 ويلتصق بصبغي آخر.
3 – النوع الفسيفسائي: يمثل 1٪ من حالات الإصابة ويوجد فيه نوعين من الخلايا في جسم المصاب، بعضها يحتوي على العدد الطبيعي من الصبغيات 46، والبعض الآخر يحتوي على العدد الموجود في المتلازمة 47.
الصفات الجسدية
1 – وجه مستدير، وأنف صغير ومفلطح.
2 – صغر الذقن.
3 – عيون لوزية مع وجود بقع صفراوية على حدقة العين.
4 – قصر القامة، الأطراف قصيرة.
5 – يدان صغيرتان وممتلئتان، وأصابع قصيرة ومدببة.
6 – كبر المسافة بين إصبع القدم الكبير والذي يليه.
7 – وجود طية واحدة في راحة الكف.
8 – ارتخاء العضلات.
يصاحب هذه الصفات عيوب خلقية في القلب والجهاز التنفسي، والعمود الفقري.
ليس بالضرورة أن تجتمع هذه الصفات جميعها في شخص واحد، كما أن بعضها يمكن أن يوجد في الإنسان الطبيعي.
الصفات الاجتماعية والشخصية
يظهر الأشخاص من متلازمة داون جميع الانفعالات من حزن وفرح وغضب وكره.
وتعتمد صفاتهم الاجتماعية والشخصية بشكل كبير على قدراتهم العقلية وطريقة تنشئتهم، شأنهم بذلك شأن الأسوياء، وتتنوع شخصياتهم كذلك بحسب البيئة فقد يظهرون العدوانية أو العناد أو يكونون انسحابيين منعزلين عن المجتمع. وهم عرضة للاضطرابات والانحرافات السلوكية أكثر من غيرهم وذلك لسهولة السيطرة عليهم، وعدم قدرتهم على مقاومة الإحباط الذي يواجهونه خلال تفاعلهم مع الآخرين وأساليبهم في التعامل معهم.
القدرات العقلية
ينخفض الذكاء لدى المصابين بمتلازمة داون إلى ما دون المتوسط، كنتيجة حتمية للخلل في الكروموسومات، التي تؤثر بدورها على الجهاز العصبي المركزي يتراوح التأخر بين البسيط إلى الشديد، إلا أن معظم الحالات هي من الدرجة المتوسطة.
منهم من هو قابل للتدريب وم نهم قابل للتعليم، ويسطيعون تعلم القراءة والكتابة وغيرها من المهارات إذا تم تدريبهم جيدًا.
ونظرًا لترابط جوانب النمو فإن ضعف القدرات العقلية يؤثر على بقية المهارات كاللغوية والحركية ويؤثر على الذاكرة والانتباه، حيث توجد لديهم اضطرابات في النطق وضعف بالمهارات الحركية وغيرها.
متلازمة داون وعمر الأم
يزداد احتمال حدوث متلازمة داون كلما زاد عمر الأم، فإذا كانت في عمر الثلاثين يكون الاحتمال 1 من كل 900 مولود، وإذا كانت في سن الأربعين تصبح 1 في كل 40 ولادة، ويمكن أن تنجب الأم طفل داون وهي في العشرينات من العمر بنسبة ضعيفة.
وإن أنجبت الأم طفل داون وأنجبت بعده فإن احتمال تكرر الإصابة يكون 1٪، أما إذا كان عمر الأم أكثر من 35 سنة فإن احتمال تكرر الإصابة يزداد ليصل إلى 50٪.
هل للوراثة دور؟
ليس للوراثة دور في حدوث هذه المتلازمة، إلا أن هناك نوع نادر تكون فيه الإصابة ناتجة عن خلل في كروموسوم أحد الوالدين، وهذا النوع يعد وراثيًا ويمكن أن يتكرر في العائلة، ويعرف بتحليل كروموسومات الطفل المصاب.
التشخيص والعلاج
تظهر الصفات الجسدية على الطفل منذ ولادته، إلا أنها غير كافية للتشخيص، فيقوم الطبيب بتحليل الكروموسومات ومنها تشخص الإصابة. ويمكن الكشف عنه قبل الولادة بتحليل سائل الأمينوس المحيط بالجنين أو فحص الغشاء المشيمي.
لا يوجد علاج لهذه المتلازمة، إذ لا يمكن تغيير الصبغيات، ولكن يمكن التخفيف من مشكلاتها بعلاج ما يمكن علاجه من عيوب خلقية في القلب أو العمود الفقري أو السمع أو غير ذلك.
بالإضافة إلى تقديم التطعيمات لهم لوقايتهم من الأمراض ويجب فحص السمع لديهم للتأكد من سلامته وتقديم جلسات تخاطب لعلاج اضطرابات النطق.
ولأنهم معرضون للسمنة يجب تسجيلهم بنواد رياضية وتقديم حمية مناسبة لهم، وتشجيعهم على التفاعل مع المجتمع وتسجيلهم بمدارس خاصة بهم لتعليمهم للوصول بهم إلى أقصى درجات النمو والاستقلالية.